كتب :محمد السجيني
التقييم : 5/5
بطولة :سيليا جونز ، تريفور هوارد
إخراج :ديفيد لين (1945)
مُجرّد نظرة بسيطَة علي مشوار رجُل مثل ديفيد لينيكفي تماماً ان تتيقن انّه واحد من أهم المُخرجين في تاريخ السينما ، وبالنسبة لي كانت تجربة غريبة ان اشاهد ملاحم ديفيد لينالعظيمَة مثل Lawrence of Arabiaو Doctor Zhivago، و أجزم انّي تعرّفت علي الرجُل تماماً ، ثم اتبعها بفيلم رومانسي بسيط مثلBriefEncounter .
في فيلمه الرابع يعرض الاسطورة ديفيد لين - مُقتبساً مسرحيّة لنويل كاوارد - قصّة امرأة تُدعي لورا جيسنتتعرّف علي طبيب يُدعي اليك هارفيفي محطّة القطار وتتطوّر الامور الي لقاءات اسبوعيّة ثم علاقة عاطفيّة استمرّت لحوالي شهرين ، على صعيد النص ، الحكاية هُنا علي لسان الزوجَة كراوي لأحداث الفيلم ، وكان هذا أمراً غير مُعتاد في زمانها ، والمُميّز ان دافع الزوجة هنا ليس الانتقام ولا التعَاسة ، لوراوصفت زوجها بأجمل الصفات ، وخافت علي شعوره ، واعترفت ان الرجُل لم يفعل شيئاً تسبب في تعاستها يومًا ما ، وهذا أمر مُهم علي صعيد تثبيت أساس بداية العلاقة ، تلك التي لم تحدث بإرادةٍ أي من الطرفين ، كلاهما وقع في الحُب بدون اختيار او حتّى مرحلة للتفكير ، والأهم ان العلاقة ابتعدت عن الشكل "الجسدي"او حتّي مُجرّد "الهروب من روتين الحياة اليومي وفراغها"، العلاقة تضرب في عُمق الرغبة في العودة الي الأشياء التي لم يفعلوها منذ زمن واشتاقوا اليها ، دخولهم السينما او نزهاتهم في قارب ، امور افتقدوها حتّي كادوا ينسونها .
هُناك صراع ما بين الحُب والواجب ، وبغض النظر عن انتصار الواجب في النهاية ، النص يُمهّد لذلك من البداية اصلاً ، يكفي ان تري ملامح الرُعب على لوراحين تعلم بإصابة ابنها لتعلم أي نهاية تتخذها العلاقة ، النص يتجاوز الأسباب والنتائج والظروف ، ويتوغّل في نفسيّة شخصيّاته ، تأثير اللقاءات عليهم ، وكذلك مشهد الودَاع الشهير ، ورغم كُل شيء يبقي الحُب موجوداً رغم الألم المتروك في كلا الشخصيتين .
علي صعيد الصورة ، هُناك قتامة واضحَة في العمل حين تبدُو العلاقة في مسار يهدم حياتهما الزوجيّة ، وفي اثناء نزهاتهما سويّاً تري الاماكن مُشرقة ، وهُناك مونتاج عظيم يستند اليه السرد في الفيلم بشكل أساسي عن طريق الفلاش باك - السابق عصره ايضاً .
علي صعيد الأداءات ، هُناك أداءات متوازنة من سيليا جونزو تريفور هوارد ، تخدم جداً عدم انزلاق النص في متاهات المُبالغات الغير مرغوب فيها هُنا .
فيلم ديفيد لينهذا هو فيلم عن هذا الاحساس الذي يتركه فينا العابرون ، عن "الحُب"بدون احداث هامّة ، دون خطب او جُمَل شكسبيريّة عتيقة .