Quantcast
Channel: مشاهدات سينمائية
Viewing all 508 articles
Browse latest View live

Play It Again, Sam

$
0
0
كتبت : فاطمة توفيق

التقييم : 3.5/5

بطولة :وودي آلن ، دايان كيتن
إخراج :هيربرت روس (1972)

في البداية ، الفيلم ليس من إخراج وودي آلانكما يعتقد البعض ، وإنما مقتبس من مسرحية لبرودوايكتبها وأخرجها آلان، والفيلم هنا من إخراج هيربرت روس، الاسم ليس بشهرة وودي آلانولكنك قد تكون شاهدت أحد أفلامه التي تتسم أغلبها بكونها لطيفة كـ Steel Magnoliasأو The Goodbye Girl.

الفيلم يدور حول نفس الحبكة التي تشاهدها في العديد من أفلام وودي آلان، ذلك الشخص القلق ذو الثقة القليلة بالنفس والتصرفات المفاجئة والأفكار الفلسفية حول ما يدور في الحياة ، وفي نفس الوقت ذو علاقات عاطفية سيئة مع النساء ، ولكن الأمر هنا ليس بألق وأناقة Manhattanولا بتركيز وكثافة Annie Hallعلى الفكرة ، وإنما أخف كثيراً ومرتبط بعنصر أساسي آخر يدور حوله الفيلم وهو حب كاتبه لفيلم Casablancaوبالتحديد شخصية همفري بوجارتفيه وجعلها قدوةً وإلهاماً له ، يعلق صوره على حوائط منزله ويقرأ ويقتبس منه طوال الوقت ، ليس فقط ذلك وإنما أيضاً يتخذ منه صديقاً خفياً يقضي معه الليل وحيداً ويستشيره في أموره العاطفية.

آلانهنا (والشخصية بنفس الاسم) صحفي وناقد للأفلام تدور حياته كلها حول السينما ، يشاهد الأفلام ويكتب عنها وهكذا ، تتركه زوجته لأنها تريد أن تعيش الحياة لا أن تشاهدها فقط على شاشة السينما ، وهو يرفض أن يتخلى عن حبه لزوجته ، أو يفشل في تصديق تركها له ، وفي المقابل يحاول صديقه ديك (توني روبرتس) وزوجته ليندا (ديان كيتون) في إعادته لعالم العلاقات من جديد حتى ينسى زوجته.

في الحقيقة وأنا أشاهد الفيلم لم أشاهد أي وجود لشخصية هيربرت روسكمخرج ، إنما وكأنني كنت أشاهد نموذج لفيلم من إخراج وودي آلانبكل عناصره ، ولا أعرف هل لأن أسلوب آلانفي الكتابة قوي بشكل يفرض نفسه على أسلوب عمل المخرج ، أم ان هيربرت روسقدم فيلماً تأثر فيه بأسلوب إخراج آلانللعمل كنص مسرحي أو بأعماله التي سبقت هذا الفيلم من أفلام سينمائية بشكل جعله يقدم الفيلم بروح وودي آلانالمخرج في الأساس ، لا أعلم ولكن الفيلم تجربة مميزة ، قدرة آلان على تقديم نفس الفكرة تقريباً التي تدور حول الشخص القلق المضطرب عاطفياً ولكن بشكل مختلف ومميز في كل مرة مع الإطار الكوميدي هذه المرة واستحضار روح فيلم Casablancaيجعل من الفيلم تجربة جميلة ومميزة في تاريخ آلانسينمائياً حتى وإن لم يقم بإخراج الفيلم ، وبالتبعية تجربة مميزة لهربرت روسبشكل وروح تختلف عن باقي أفلامه.


The Lord of the Rings: The Fellowship of the Ring

$
0
0
كتب :أحمد أبو السعود

التقييم : 5/5

بطولة :إلايجا وود ، فيغو مورتينسن ، إيان مكالن
إخراج :بيتر جاكسن (2001)

ما الذى يدفعنى للكتابة عن فيلم قيل فيه كل ما يمكن أن يُقال إيجاباً أو سلباً ؟ ، البعض يذهب لحصر قيمة الثلاثية فى أهميتها البصرية و الثورة التي أحدثتها فى عالم المؤثرات البصرية ، و الكثير - و أنا منهم - يدركها ضمن قائمة أعظم الأفلام على مر التاريخ ، ما الذى يدفعني إذاً للكتابة عن هذا الفيلم ؟!


حسناً ، هذا المقال لن يتعدى إطار الانطباعات الشخصية عن فيلم كان و لا زال له نصيب محترم من الذكريات الجميلة عن السينما ، عن صحبة الخاتمأتحدث ، يُمثل الجزء الأول من هذه الثلاثية العظيمة بالنسبة لي الاختزال و الجوهر الحقيقي لها ؛ "الملحمية"يعُيد الفيلم هنا تقديم مفهوم الفيلم الملحمي في أبهى صورة ممكنة و بتوازن رهيب بين كل عناصر و مفردات الفيلم لإضفاء الطابع الملحمي على الصورة و الأحداث و الشخصيات ، و يستخلص من بين أطنان عبارات الوصف فى رواية جى.ار.ار.تولكينالأطر البصرية و الدرامية المُكثفة لرسم ذلك الحس الملحمي الرائع الموجود في كل كادر من كادرات الفيلم .

لكن لماذا الجزء الأول دون بقية الأجزاء ؟ ، ليست لدى الإجابة ، لكن ما أملكه هو ما شاهدته فى الثلاثة أفلام قادني فى النهاية لتلك النتيجة ، في الجزء الثاني يعتمد بيتر جاكسونبشكل كبير على المعركة الختامية فتتشعب منه الأحداث كثيراً و يفلت منه الإيقاع في بعض مناطق الفيلم فنجد بعض لحظات الملل هنا و هناك ، في الجزء الثالث يسيطر التطور الذى حدث فى المؤثرات البصرية على كل مفاصل الفيلم ، فيتماهى بيتر جاكسونبشكل كبير مع لعبة المؤثرات تلك و يغفل مثلاً عن الطبيعة البطولية المتكررة للخطب الحماسية التي يخطبها القادة في جنودهم و خصوصاً مع شخصية آراجون، أنا هنا لست في معرض الحديث عن عيوب أو أخطاء ، أنا هنا لأوضح لماذا أفضل الجزء الأول عن باقي الأجزاء ؟

في "رفقة الخاتم"لدينا كل ماهو مناسب لتقديم عمل ملحمي فانتازي بطولي عظيم ، أولاً لدينا التمهيد الأكثر من الرائع لعالم الأرض الوسطى ، بداية من الموسيقى الافتتاحية التي تظهر بالتزامن مع ظهور أسماء الشركة المنتجة و عنوان الفيلم ، ثم التعليق الصوتي الهائل من كيت بلانشيتو النبرات المختلفة التي يتخذها صوتها و هي تحكى أصل الحكاية ، ثم استعداد الهوبيتيينلحفل عيد الميلاد الضخم الذى يقيمه بيلبو باجينز، يختزل بيترجاكسونهنا بصرياً و درامياً جزء كبير من فصول الرواية ، يُدخلك سريعاً إلى العالم الجديد الذى ستعيش معه لأكثر من ثلاث ساعات ، و الأهم يعطيك لمحات خاطفة عن طبيعة الحس الملحمي الذى يقدمه .

 ثانياً هناك ذلك التوازن بين عناصر الفيلم ، توازن بين إيقاع الفيلم الذى يأخذ منحنيات تصاعدية كثيرة و بين شاعرية الأحداث و خطورة المغامرة و الحس البطولي الطاغي على تلك الرحلة ، توازن بين روعة المؤثرات و تفردها و بين طبيعة الأطر البصرية التي يرسمها الفيلم ، فالمؤثرات هي جزء من ذلك الإطار يُضيف عليه ما يتطلبه من رسم بصرى لخصائص ذلك العالم الفانتازي و يأتي بيتر جاكسون بزوايا التصوير و حجم اللقطات و حركة الكاميرا و الألوان و الملابس و المقطوعات الموسيقية العظيمة ليمنح تلك الأطر طبيعة أكثر عمقاً من كونها مجرد مؤثرات بصرية متفردة ، يمنحها طبيعة ملحمية نادرة التكرار ، و لدينا هنا في تتابعي "هروبآروينبفرودو إلى رفينديل"و "مناجم موريا"خير مثال لما أتحدث عنه من إيقاع تصاعدي حابس للأنفاس لتوظيف متناغم و مثالي للموسيقى لكادرات فيها من المشتهيات البصرية الكثير لطابع ملحمي ناتج من امتزاج كل ذلك معاً .

ثالثاً تمتزج هنا طبيعة الصراع بين الخير و الشر بتقاطعات نفسية في المنتصف تمنح الرحلة و المغامرة سمات مميزة و خاصة بها ، حيث الأهواء البشرية التي تدفع مسار الأحداث إلى ما هو غير متوقع ، و حيث المراوغة بين أسطورية الصراع نفسه و حقيقة الرحلة بما تحمله من مخاطرة غير محسوبة لتحقيق هدف شبه مستحيل و بالتالي السجال العظيم الناتج من تلك المراوغة فتعطى الرحلة تشعبات تترسم على أساسها بقية أحداث الثلاثية .

رابعاً يأتي طرح مفاهيم مثل الصداقة و الفروسية و البطولة و التضحية داخل إطار عفوي و صادق و غير متكلف ، فكل شيء يأتي في أوانه ، التضحية لها وقتها و سببها ، البطولة الزاعقة لها وقتها و سببها ، لذلك لن تجد هنا تتابعات تأخذ إيقاعاً أطول أو أقصر مما هو مطلوب منها و لنتذكر التضحية التى قام بها جاندالفو رد فعل بقية المجوعة لها ، و لنتذكر أيضاً تتابعات النهاية التى تفرقوا فيها حيث تأتى تلك المفاهيم كجزء أساسي لإنجاح المهمة على ما حملته من نتائج زادت الأمور صعوبةً و تعقيداً .

هذه بعض الأسباب التي تدفعني لتفضيل هذا الجزء عن بقية الأجزاء بل و تجعلني أمنح له مكاناً خاصاً به في قلبي و في ذاكرتي فيما يتعلق بعلاقتي بالسينما .

يقدم بيتر جاكسونفي الجزء الأول إنجازاً ملحمياً فى أفلام الفانتازيا فتح من بعده باباً واسعاً على مصراعيه لمستوى جديد لم يُستغل جيداً إلى الآن و حتى بيتر جاكسون نفسه حاول تكرار الكرة ثانية في ثلاثية الهوبيتو لكنه فشل في استعادة بريق و تميز ثلاثية سيد الخواتمالعظيمة .

Gertrud

$
0
0
كتب : خالد إبراهيم

التقييم : 4.5/5

بطولة : نينا بنس رود ، بيندت روث
إخراج : كارل تيودور دراير (1964)

"كل فيلم له روح خاصة به."دراير

لا يدين فقط بالفضل لأستاذ الأساتذة مخرجون في حجم بريسون، تاركوفيسكي، كيشلوفيسكي، جوداروغيرهم ، ولكن يدين له أيضاً كل مشاهدي السينما وإن كان بعضهم لم يشاهد أفلامه بعد.
 
زوّد دراير السينما بأيقونة لكل عقد خلال خمسة عقود ، خمس تحف إنسانية تتحدى صدأ الزمن وإعادة حسابات الأهمية ، (The Passion of Joan of Arc1928) – (Vampyr 1932) – (Day of Wrath1943) – (Ordet 1955) – (Gertrud 1964).

شعوري ناحية (جرترود) شعور بين الرهبة والحنين لمجرد تذكر صورة أو عبارة من الفيلم، لكن دائماً يمكن تلخيص الحبكة في ظل العجز عن وصف الشعور ، (جرترود) مغنية أوبرا سابقة تعيش حياة زوجية غير سعيدة مع محامي وسياسي أرستقراطي ، تخبر زوجها عن عشيقها – مؤلف موسيقي شاب مغمور – وتطلب الطلاق ، العشيق يفضح العلاقة ويتفاخر بها أمام الغرباء ، تقابل جرترودحبيبها السابق لزواجها – شاعر رومانسي شهير – الذي يعرض بندم إحياء الماضي ، ترفض جرترودوتتذكر كيف تركته حين وجدت أقصوصة كتبَ فيها أبيات عن عمل الرجل وتعارضه مع الحب ، مفهوم جرترودللحب لا يقبل المساومة ، لا يمكنها تقبُّل وضعه محل اختيار ، لذا تركت الشاعر للمرة الثانية وكذلك تركت الشاب العابث والزوج الجريح ، تبتعد جرترودلتدرس وتعيش بمفردها في عزلة عن الرجال الذين لم يبادلوها الحب الذي تتوقعه ، درايرلم يجعلنا نحب بطلته أو نكرهها ، درايرجعلها أيقونة للحب الغير مشروط الذي يؤمن به.

كعادة الفنان العظيم يُهمِل درايرالقيود الزمنية التي قد تدفع غيره للمواكبة حتى يتم قبوله داخل العصر ، لكن الفنان العظيم يعمل وفق معاييره الخاصة ومصداقاً لرؤيته التي – مثل (جرترود) – لا تساوم ، درايراستخدم اللقطات الطويلة كما استخدم اللقطات القريبة لوجوه قليلة التعبير ، كل كادر جدير بالدراسة ، كل مكون من مكونات الصورة في شكله ودرجة لونه المُثْلَى ، الحوار تدخل جراحي لابد منه ، تناغم لا يمكن وصفه ، هو فيلم للتقديس الفني ، فرصة للمخرجين لتوضيح ما يمكن أن يصل إليه الفيلم عند صناعته بهذا القدر من الكمال ، وفرصة للمشاهدين لخوض تجربة تُمكِّنهم بعدها تمييز الخبيث من الطيب في السينما.

عندما عُرض (جرترود) في كانقابله الجمهور بصيحات الاستهجان رغم عدم ترشيحه ، كذلك تم رفضه كمرشح لأوسكار أحسن فيلم أجنبي ، الصحافة اتهمت دراير بالخرف ، تنتهي المهرجانات وسياساتها ولجان تحكيمها وصحافتها وحتى جمهورها ويبقى الفن ، ويبقى (جرترود) معجزة سينمائية فريدة لأن ما ينفع الناس يمكث في الأرض.
فسلام على الروح المؤمنة بالحب والمعجزات ، سلام على السبب المهم لوجود بيرجمان، سلام على من كانت المرأة المظلومة دائماً ما تؤرقه ، سلام على (دراير).

"جرترود فيلم صنعته بقلبي ، فيلم صنعه القلب عن القلب ، وهذا ما يثير اهتمامي قبل أي شيء ، وليس تقنية السينما" - دراير


The Grand Budapest Hotel

$
0
0
كتب :مصطفى فلاح

التقييم :4.5/5

بطولة :ريف فاينز ، توني ريفولري
إخراج :ويس أندرسن (2014)

أحياناً تراودني رغبة غريبة بأن أعيش في أحدى العوالم التي يرسمها ويس أندرسنللسينما , رُبما لتقدير حجم الدهشة التي أعايشها مع كل عمل , أن أستمع للغة الحوار عن كثب , و أن أشاهد الجمال في كل شئ دون الحاجة الى شاشة ؛ و أخيراً , أن أقطع صلتي تماماً بدراما الواقع و أحيا على الأرض التي يريد في الزمن الذي يريد ، (نيو أنغلاند) كما تصورها هو في عمله السابق , و ليس كما يروي سكورسيزيو بولانسكيمؤخراً !

فلمه الثامن , كالمعتاد , وجبة دسمة فى عمل ؛ يُؤكد فيه أندرسن, مجدداً , حرصه على مستوى جمالي رفيق و أناقة سينمائية أكسبته لغته الخاصة في التخاطب ، ترافة الاضاءة و شاعرية الألوان مع لطافة القصة و روعة الأداء , تتعمد زرع المشاهد وسط ثلوج (زبروكا) و صُحبة غوستافو صبيّه زيروفي مغامرة ذات تفاصيل غنية , أقتباسات شعرية / مسرحية , و لقطات بانورامية ترتاح لها العين و تستجيب لها جميع الحواس ، يُخيل لي أحياناً أن بإمكاني شم الروائح و الشعور بملمس السطوح !

الثقة المُتزايدة و الحرفية المُتنامية واضحة لا تُخطئها العين مع كل عالم يؤسس أركانه الحالم الأمريكي أندرسن, نضج التعامل مع السيناريو مُتيقن الوقوف على الحد الفاصل بين الفلسفة التي تُلهب العقول و السطحية التي تستخف بها ! ، كما أن براعة رسم الشخصيات و بنائها المركب يشهد على جهد كاتب ذو خيال خصب (أندرسنأيضاً) , كاتب مُتعدد الرؤوس , واحد لتطوير الخط الدرامى و آخر للحوار الأنيق و ثالث لتقسيم المشاهد و رابع للبُعد الفكاهي و الشخصيات الكوميدية ، و هكذا !

علاوةً على ذلك , يستمد النص كثيراً من صلابته في التشويق الذي يُبقي مُشاهده على اتصال فيما يجري لشخصياته الكثيرة , يضرب في صميم مضمونه من خلال الصورة لأرض الفندق و خارجه , يجعل من قرارات أبطاله التائهين (الميزة التي يخصصها لهم دائماً) أكثر حكمة مع إقتراب خط النهاية , و يتسرع الوصول للخاتمة دون السقوط في فخ الإصطناع و الإبتذال ، الهوليوودي المُعتاد !

للتذكير , في كل مرة أشاهد فيها عملاً لأندرسنتبقى صورة هذا العمل كما هي في سابقيه , غير قابلة للمساس على الرغم من إقراري بعظمة عدد قليل منها ، متعتي فيها هي البصمة التي لا تُخطئها عدسة سينمائي عاشق للسينما : ويزلي ويلز أندرسن!

Oldboy

$
0
0
كتب : محمد السجيني

التقييم :5/5

بطولة :تشوي مين سيك ، يو جاي تي ، كانغ هاي جونغ
إخراج :بارك شان ووك (2004)

سمعت قصّة تقول ان الأمريكي كوينتن تارنتينووقف مُصفّقاً ربع ساعَة كاملة بعد عرض هذا الفيلم ، وكان هذا سبباً كافياً لمُشاهدته.


يتحدّث الفيلم عن رجُل أعمال يُدعي دايسوعُرف بوقاحته وسكره واشتهائه للنساء واستهتاره بكل شيء ، احتُجز لدي الشُرطَة لتسببه في بعض المشاكل ، ثم خرج بعد دفع كفالة ، ثم اختفي مرّة اخري ولُم يعثر له علي أثر، يستعيد وعيه في غرفة لا منفذ اليها ولا تحتوي الا علي تلفاز صغير ، وتفتقد لكل وسائل الاتصال بالعالم الخارجي ، يُسجل دايسوكُل ما قام به من سوء في حياته ليتمكّن من معرفة هويّة خاطفه ، ويعد الايام والشهور والسنين ، وبعد خمسَة عشرة عاماً من حبس انفرادي يجد نفسه علي سطح بناية ، وبجانبه رسالة تخبره انّه ان لم يتعرّف علي هويّة قاتله خلال ايام ، سوف يُقتل .

هُناك تكثيف عظيم في مشاهد الغُرفة ، تخرج بعد مشاهدها كأنّك قضيت معه الوقت بحق ، وتروقني كثيراً فكرة ان تكون الغُرفة التي سُجن فيها دايسوهي شرنقة ظلّت مُغلقة لعقد ونص ، وعندما خرج من فيها كان مُختلفاً تماماً عن ذي قبل ، كائن له مُفرداته الخاصة لا هَم له سوي ان يحصُل علي جواب ، من فعل به هذا ؟ وماذا كان دافعه ؟ والأهم ، لماذا اطلق سراحه ؟

تشان ووك باركيخدع المُتلقيين ، ويتلاعب بعواطِف مُشاهديه ، خصوصاً في جُزئيّة عدم وجود (بطل) بمفهومه الكلاسيكي ، ويؤكّد علي ذلك بنسف المفهوم التقليدي لسيناريوهات افلام الانتقام ، الصيّاد هُنا هو الذي يسعي لجعل ضحيّته تتوصّل اليه ، ويتلاعب بنا الرجُل مُجدداً لنكتشف ان الصيّاد هو الفريسَة في الأصل ، هو ضحيّة اشاعَة تسبّب فيها (دايسو) وانتحرَت اخته بعدها.

هُناك سوداويّة ضخمَة تغلّف زوايا العمل ، سوداويّة هي الشُحنة الاساسيّة في تحريك الاحداث ، نجح في ضخّها علي الشاشة تصوير مُمتاز من (جيونج هن) واداء اسطوري من (تشوي مين سيك) ، الرجُل هنا يقدّم تشخيصاً جبّاراً يبدُو الحديث عنه في الأساس ضرباً من العبث ، هذا شيء تُشاهده فقط .

فيلم تشان ووك باركهذا هو فيلم عظيم ، وأمر ظالم جداً ان اعتبرناه مجرد فيلم (تويست اند) فقط ، هذا واحد من افضل ما شاهدت خلال الالفيّة .

Moolaadé

$
0
0
كتب :فراس محمد

التقييم : 4/5

بطولة :فاطوماتا كوليبالي ، ميمونة هيلين ديارا
إخراج :عثمان سمبين (2004)

قد لا يستقبل الكثير هذا الفلم بكثير من الحماس ، ولكن مشاركة المخرج والروائي السينغالي عثمان سيمبينفي كان لعام 2004 قد تكون واحدة من الاحداث السينمائية الاساسية في ذلك العام ، الرجل المقل الذي قدم القليل من الافلام وبفترات زمنية متباعدة (متباعدة أكثر مما يجب لتحفظ اسمه في ذاكرة السينما ، ولكن افلامه التي اقتبسها من رواياته  فعلت ، واصبحت كلاسيكيات في السينما العالمية وليس فقط الافريقية(وهذا الفلم قدمه في الثمانين من عمره ، وإن كان الفلم قادرا على اعطاء اشارة قوية , فهي اشارته لخبرة هذا المخرج الحياتية .

الفلم الذي يبدو من البداية وكأنه يرغب في تبني قضية والدفاع عنها يقدم أكثر من ذلك ، هو لا يكتفي بتبني قضية , هو يحلل كيف تنبت بذرة التمرد ضدها , بدأها بتصوير مقدار التخلف الاجتماعي الذي اختلط بالخرافة التاريخية والجهل الديني الذي صنع تقليد قروي يقوم بختان فتيات القرية خلال فترة محددة من الزمن عبر جماعة نسائية دينية يمكن ان تجد شبيها لها في اي مجتمع يشابه هذه القرية ولأي غرض كان , الفلم يبدأ هنا ولا ينتهي عندها ، ربما لم ينتهي بعد ، ما زال أثره مستمرا ، وعثمان لجأ لأسلوب سهل ممتنع في فتح الجرح المقطب بالسكوت والخوف من العار أو الخوف من الاختلاف ، وعلى الاغلب الخوف من العقاب ، وهذا يبدو واضحاً مع افتتاحيته التي صورت ركوع النساء الاربع لزوجهن على الطريقة العسكرية.

الفلم لم يأتي بتمرده من فراغ ، قصته بدأت قبل ان يبدأ الفلم بسنوات ، وأنهاها وترك للزمن المساحة لكي يستمر ويدع للمشاهد ولخياله لتصور ما الذي  سيحدث بعد انتهاء آخر مشهد من الفلم وبعد ان يحمل طاقم الفلم ومخرجه الكاميرا ويبحثوا عن قضية أخرى ليضعوها تحت عين العدسة،انهاها بأسلوب فيه مساحة من التفاؤل المرجو في طريقة قد تكون خيالية لتغير مجرى القدر .

عثمان سيمبين لم يلجأ كما عادة هذه النوعية من الافلام لتصوير وقاحة الواقع دفعة واحدة تجاه نساء هذه القرية المعرضن لمبضع الدين والجهل ، ومشرط تخلف وسلطة رجال القرية , بل حاول ان يعطي جرعات تدريجية من اسلوب الحياة الذي يصوره ، وبهذا الشكل ابتعد عن تصوير مشاهد تثير التعاطف المجاني لدى مشاهديه ، حقيقةً الفلم يبحث عما هو أكثر من التعاطف ، ولولا ذلك لما تمكن من دس كل تلك الرموز والتلميحات بهذا شكل الجريء والواضح  وبهذه العين الخبيرة ، بالشكل الذي يمد فيه اصبح الاتهام أكثر من اصبع اللوم ، بالشكل الذي يجعل الحكاية أبعد من أن تكون مجرد حكاية لفتيات قرية في مجاهل افريقيا ، هنا تبدو القصة تمس أي مجتمع يرفض أن يساير العالم المحيط به , او أن ينعزل في قبر الاجداد وجامع القرية ، ومن هذا الباب أدخل عثمان فكرة الراديو ، صلة الوصل الوحيدة بين القرية وما تبقى من العالم ، وأول شيء تم رفضه وإقصاءه حالما بدأت الرغبة بالتمرد بالنمو , وفي أكثر المشاهد تكرارا في الفلم وأكثرها أهمية وتعبيرا ، كان جبل اجهزة الراديو يتوسط الكادر بين الجامع وقبر الاجداد ، وحينما اتخذ القرار بإحراقها ، غطى دخانها ذلك القبر وذلك الجامع بمشهد خلاب ومعبر.

استخدام عثمان للشخصيات الثانوية يساوي من حيث الاهمية شخصياته الرئيسية ، كل شخصية ثانوية بدت وكأنها عامل تغيير يطرأ في احداث الفلم , تغير مسراه وتزيد من ثقل فكرة  (ضرورة تغير الواقع) ، وأن الانعزال عن العالم شيء غير ممكن حتى ولو تم حرق كل اجهزة الراديو في القرية ، التي احسن المخرج تصويرها وتصوير تفاصيلها لتبدو بيوت الطين التي لطالما تشبعت بالتخلف ، تستطيع نفسها ان تحتضن التمرد عليه ، التحضر ليس مظهر ، كما اراد الفلم ايصاله ، هو سيكون مؤذي أكثر عندما يصبح على شكل أفكار , على شكل استفادة من جروح قديمة ، وما استطاع الفلم القيام به , انه اوصل الحكاية لدرجة النضج التي تجعلها قادرة على جعل هذه الافكار مبررة ومؤثرة بشكل مجرد .


All About Eve

$
0
0
كتبعماد العذري

التقييم : 5/5

بطولة : بيتي ديفيز , آن باكستر , جورج ساندرز
إخراج: جوزيف إل. مانكويتس (1950)

فيلم الأوسكار عام 1950 , الذي نال 14 ترشيحاً للجائزة في إنجازٍ لم يحدث أن قاربه فيلمٌ لقرابة نصف قرن , يحكي قصة الممثلة الطموحة البائسة إيف هارينغتونالتي تظهر ذات مساءٍ في غرفة تبديل الملابس الخاصة بالممثلة المسرحية القديرة مارغو تشانينغمثيرةً شفقة تشانينغو تعاطفها فتتخذها مساعدةً لها , قبل أن ترتقي بدعمٍ من المخرج المسرحي بيل سامسونو زوجته كارنو الناقد المسرحي أديسون دي ويتسلم النجومية و تتمكن من الوصول إلى القمة .


بالرغم من أن هذا الفيلم يمتلك واحدةً من أعنف التحولات الدراماتيكية على الإطلاق على مستوى البنية الخارجية للشخصية , و هي التحولات التي لا يروقني عادةً تقديمها بهذه الطريقة , إلا أنني في كل مشاهدة له أتأكد تماماً بأنني أعشق هذا الفيلم , ربما للسبب ذاته، مانكويتس في هذا الفيلم عظيم جداً , عندما أتأمل الطريقة التي راهن عليها في تقديم شخصيته الرئيسية , و حجم الوصولية التي يضخها في شخصيته دفعةً واحدة ليرتقي بعمله فجأةً إلى عمقه الحقيقي , أقف في حيرةٍ في كل مشاهدة , هذا الفيلم له نصيبٌ كبيرٌ من إسمه , سبرٌ ذكي في أبعاد (الماكيافيللية) عند المرأة , الفيلم يتخطى بوضوح الصورة البسيطة و الواضحة للفيلم عن إمرأةٍ ذكيةٍ ترتقي نحو القمة في دنيا الأضواء و الشهرة , الفيلم يتناول حواءبمباشرةٍ أحياناً , بتوريةٍ أحياناً , لكن بعظمةٍ في كل الأحيان , حواء موجودةٌ هنا بكل عنفوانها , بصورتها الأزلية القديمة المتجددة , التي لا تتغير و لا تتبدل مهما تغيرت الأزمنة و الأمكنة , حواء بأنوثتها , و إنكسارها , و وفاءها , و غدرها , و غيرتها , و غموضها , و ضعفها , و قوتها , و بحثها عمن يحبها و يحتويهامانكويتس (أو مانكفيتشكما يسميه عشاق الأصول) يضفي على نصه المقتبس عن كتاب TheWisdom of Eve لماري أور صبغة الديمومة , و يغوص أعمق بكثير من الصورة الظاهرية (المثيرة و الجميلة بحد ذاتها) , محافظاً طوال ذلك على إيقاعٍ و إن بدى عادياً إلا أنه كان ذكياً إلى درجةٍ تدهشني , خصوصاً عندما أتأمل الطريقة التي روض بها الإنقلاب العنيف الذي يصيب شخصية إيفالتي تخدع المشاهد تماماً كما خدعت مارغو , و تظهر له بنزعتها الماكيافيلليةفي اللحظة ذاتها التي تكشف فيها نفسها لبقية الشخصياتمانكويتس محنكٌ فعلاً في تكييفه لهذا النص و في منحه نكهة السخرية المدروسة التي تجعله لاذعاً و قاسياً و ذكياً في آن , و عندما نشاهد (إيف) جديدة تقتحم عالم إيف هارينغتونو تتقرب منها في ختام الفيلم , يبدو مانكويتس و كأنما يقتبس روح العبقريين جويلو إيثان كوين - حتى قبل ولادتهما ببضعة أعوام – في تتويجٍ لطالما أحببته لهذه الكلاسيكية العظيمة .

و مع ذلك , ما كان لمانكويتس أن يبلغ مرماه لولا ثنائية الأداء الإستثنائية التي تقدمها آن باكستر و الأسطورية بيتي ديفيز في الدورين الرئيسيين للفيلم , الكيفية التي جزأت بها باكستر شخصية إيفإلى شخصيتين بصورةٍ صارخةٍ و فجةٍ و باعثةٍ على الإعجاب و الدهشة , و العظمة التي أضفت بها بيتي ديفيز الأبعاد الميلودرامية (الخفية في النص) على شخصيتها الصاخبة , و المغدورة , و المنكسرة , و الباحثة عن حبٍ حقيقيٍ تتنازل عن كل شيءٍ من أجله .


Distant Voices, Still Lives

$
0
0
كتب : خالد إبراهيم

التقييم : 4.5/5

بطولة : بيت بوستليث ويت ، فريدا دواي
إخراج : ترينس ديفيز (1988)

"أنت غير مرحب بك إن أردت صنع السينما كفن، تلك التي على المشاهد تفسيرها بنفسه .. أعني بواسطة عقله الشخصي"ترينس ديفيز

طريقة ديفيزفي استعادة الذكري ليست على هيئة نص متماسك أو بناء متصاعد ، ديفيزيستعيد ذكرى الطفولة والمراهقة بصورة شاعرية مماثلة لشعور من يتصفح ألبوم صور العائلة ، من الطبيعي لأصحاب الذاكرة الجيدة أن تكون كل صورة لها ذكري منفردة ، لكن ديفيز يربط كل صورة بأغنية بعينها ، مثلما جعل مواطنه (ديكنز) حياة المهمشين جديرة بالاهتمام ، جعل ديفيزتلك الحياة شعرية غنية ، وإن كانت حياة صعبة كحياته هو.

ديفيزفي الجزء الثاني من ثلاثيته شديدة الذاتية يصنع فيلمين داخل فيلم واحد ، الفيلم الأول (أصوات بعيدة) تركه لظلال الأب وهواجس الطفولة ، بينما الفيلم الثاني – والذي تم استكماله بعد عام من تصوير الأول – (لازالت حية) كان متنفس للأرملة والأبناء ، الأب شخصية غريبة حد الواقعية ، عنيف صامت متقلب ، يملك بعض الملامح الطيبة داخل شخصيته لكنها تظل شخصية مفزعة للأم وللأبناء ولنا كمشاهدين ، الأم رزينة دافئة تحاول بصبر التأقلم مع تلك الحياة ، ولكنها – مثل أبنائها الثلاثة – لا حيلة لها وسط هيمنة الأب واللحظة الزمنية.

طريقة تلك العائلة من (ليفربول) في النجاة / الهروب كطبقة عاملة في أربعينات وخمسينات القرن العشرين جديرة بالملاحظة والاهتمام، غنائهم سوياً خلال المناسبات ودونها والتي يتذكرها ديفيزجيداً ، الفيلم قائم تماماً على تلك الأغاني والصور وإن لم يكن فيلم غنائي ، في مقابل تهميش الحوار وإنعدام الحبكة يمنحنا ديفيزتجربة شديدة التفرد والخصوصية.

على الرغم من وفاة والد ديفيزومخرجنا طفلاً في السادسة من عمره ، لكنه يعتقد أن ما رآه من أبيه كان كفيلاً بتدمير ما تبقى من حياته ، كل يوم يشعر بأثر الأب السلبي عليه حيث يقول أن الضرر الذي يتعرض له الطفل يستمر لأطول فترة ممكنة ، كما أن إحترام الذات والثقة فيها يتلاشي للأبد ، كان هذا واضحاً في فيلم ديفيزحيث يمكننا ملاحظة (تأثير الفراشة) الهائل للعنف المنزلي على الأطفال ، بدون أي وعظ أو ملمح مباشر.

نرى الأب أثناء احتفالات عيد الميلاد داخل غرفة الأطفال النائمين ويملؤه العطف والشفقة ، هذا المشهد يفتح الباب للتساؤل عن طبيعة عصر الحرب وطبيعة الحياة التي تعشها الطبقة العاملة ، الفيلم لم يعطي مساحة للمدينة (ليفربول ما قبل البيتلز) أو السياسة ولكنهما شكلا خلفية قوية ، ربما تلك الخلفية أثرت على الأب وساهمت في جعله ما هو عليه ، لكن ديفيزيُفسِّر ولا يغفر، فهو يؤمن بالجزء الأول من مقولة مواطنه الآخر (شكسبير) بأن الجحيم فارغ وإن كانت الشياطين ليست معنا، إنما فينا.



The Others

$
0
0
كتب :أحمد أبو السعود

التقييم : 5/5

بطولة :نيكول كيدمان ، كريستوفر إيكلستن
إخراج :أليخاندرو أمينابار (2001)

على قدر كبير من الثقة يُمثل هذا الفيلم بالنسبة لي أحد كلاسيكيات الرعب التي قُدمت في الألفية الجديدة ، على الرغم من اعتماده الشكلي على تيمات تم استهلاكها كثيراً قبله و بعده ، لكن السبب الحقيقي الذى أوصلني في النهاية لتلك النتيجة هو أن أول مشاهدة لي للفيلم كانت بعد أن تم حرق أحداثه و نهايته لي و كانت على الرغم من ذلك تجربة مثيرة و ممتعة و تحمل مع كل إعادة نفس القدر من المتعة و الإثارة .

ما الجديد الذى يحمله الفيلم إذن ؟ ، البناء الدرامي للفيلم قوى و مثير للتأمل يبدأ بفويس أوفر لنيكول كيدمان تحكى فيه بداية الخليقة لأطفالها على خلفية رسومات يدوية لا نعرف عنها شيئاً ، ثم مع تجاوز تلك المقدمة تنطلق صرخة قوية مُفزعة ، يلعب البناء الدرامي للفيلم على ترسيب صور و معلومات ضبابية ليس لها أي تفسير في لاوعي المُشاهد كالرسومات في افتتاحية الفيلم و تظل تتراكم تلك المعلومات مُحدثة سيلاً هائلاً من الغموض و تُلقى المُشاهد وسط أتون قوي من الأسئلة التي لا يتم الإجابة عنها أبداً إلا في نهاية الأحداث ، لذلك تأتى تلك النهاية كلحظة تنوير قوية تنتقل معها تلك المعلومات التي تراكمت في اللاوعي إلى الوعي الحاضر فتتضح حقيقتها و كأنها كانت نتيجة منطقية و معروفة بالنسبة لي منذ بداية الفيلم .

الجميل أكثر أن تلك المراوغة التي يُحدثها الفيلم بين اللاوعي و الوعي متماشية بطريقة عظيمة مع أحداث تحدث بالأساس في منطقة ما بين الحياة و الموت و شخصيات تائهة في تلك المنطقة العدمية الضبابية و يضعنا الفيلم منذ البداية هناك في تلك المنطقة حيث الضباب يُحيط بالمكان فارضاً عزلة غريبة على الشخصيات ، و حيث أشباح تتجول في المكان بدون أي سبب واضح و حيث وتر مشدود تتلاعب عليه الشخصيات ما بين شبه إدراك للحقيقة و ما بين إنكارها ، و يتلاعب السيناريو الذكي هنا بالظرف التاريخي الذى يقع في خلفية الأحداث لرسم فواصل ذكية تملأ تلك المنطقة الرمادية بين الحياة و الموت و يجعل كل شىء قابلاً للتصديق و غير قابلٍ للتصديق في نفس الوقت و يصل به الأمر للتلاعب بحقيقة الدين نفسه و العلاقة بالرب لتكملة تلك الفواصل لتصل درجة الشك بالشخصيات إلى إنكار شديد لما حدث بالفعل و في نفس الوقت عدم التكيف مع الوضع الجديد .

يتلاعب أمينابار بالصورة كما يتلاعب السيناريو بالشخصيات ، يرسم مع كل إطار بصرى يقدمه غموضاً يحمل بداخله الكثير من الأسئلة و لا يجيب أبداً عن تلك الأسئلة إلا مع النهاية ، حدة الغموض موجودة منذ أول مشهد ، منذ الوصول المُفاجىء و الغير متوقع بالنسبة لجريس للخدم الجدد ، و يلتقط أمينابار من النظرات و طريقة الكلام ما يمكن إضافته لتلك الأطر البصرية فتزداد جرعة الغموض فيها ، و لا تجارى الصورة أبداً ما تحاول جريس أن تثبته أو أن تجد له أجوبة بل بالعكس تدفعها كل مرة إلى نقطة الصفر ، فعندما تخرج من المنزل قاصدة الكنيسة تجد ضباباً يُجبرها على العودة في حين أن إجابة أسئلتها كان موجوداً في حديقة منزلها و لم تعر له انتباهاً ، عندما كانت تفتش المنزل عن الدخلاء يقودها البحث عما ليس له علاقة بما كانت تبحث عنه ، الأمر معقد بالفعل ؛ ذلك التداخل الرهيب بين الصورة و الأحداث و التلاعب الذى يحدث بشخصيات الفيلم ، فالصورة تضرب في الاتجاهين : الغموض و محاولة البحث عن الحقيقة ، الأحداث تقود جريس دائماً بعيداً عما تحاول أن تثبته و في نفس الوقت تحمل معها في كل تصاعد معلومات لها علاقة وثيقة بالنهاية و لكن يُراكمها الفيلم في لا وعي جريس و بالتالي في لاوعي المُشاهد .

سبب آخر أقدره في العمل هو أن السيناريو اعتمد على ضخ كمية كبيرة من التساؤلات و الغموض طيلة الأحداث و كثّف في النهاية كل الأجوبة على تلك التساؤلات ، عنصر المفاجأة هنا يتحقق - في رأيي - بأصعب الطرق و أكثرها إمتاعاً ، يعتمد على متعة الاكتشاف و إشراك المُشاهد في عملية البحث عن الحقيقة لا الاعتماد فقط على عنصر الخضة ، لذلك إعادة مشاهدة الفيلم هي تجربة - بالنسبة لي - تحمل معها كل مرة نفس الإثارة و المتعة لأنى أجد نفسى مستغرقاً تماماً في تفاصيل رحلة البحث تلك مُخزناً المعلومات و الصور و التساؤلات منتظراً لحظة النهاية لربط الأمور ببعضها .
 
نيكول كيدمان تقدم هنا أحد أعظم الأدوار التي قًدمت في الألفية ، تلعب شخصية صعبة و مُعقدة ، شخصية تتلاعب بدون أن تدرى بحقيقة وضعها ، شخصية تقع بين كونها أماً تبذل كل ما في وسعها لحماية أطفالها و بين كونها زوجة ذهب عقلها في لحظة ضعف و فعلت ما فعلت ، نظرات نيكول كيدمان دائماً تحمل ذلك الشعور ، الشعور بإدراكها الحقيقة مع إنكار شديد لها فى نفس الوقت ، و تحمل على كتفها عبء الغموض و الإثارة التي يحققها الفيلم فتقدم أداءاً مرعباً يمتص قوة السيناريو و الأسلوب الإخراجي المتميز للفيلم .

Tickets

$
0
0
كتبت : فاطمة توفيق

التقييم : 4.5/5

بطولة :كارلو ديلي بياني ، فاليريا بروني تيديتشي
إخراج :عباس كيارستامي ، كين لوتش ، إرمانو أولمي (2005)

بإمكانك أن تتخيل مدى الجمال والفن الذي ستشاهده في فيلم يحكي قصص مختلفة عن مسافرين في قطار واحد ، ومخرجي الفيلم هم إرمانو أولمي، عباس كيارستامي، وكين لوتش ، وبعيداً عن التاريخ السينمائي العظيم لكل منهم ، فهم مِن أكثر مَن يحكون عن شخصياتهم بشكل طيب حنون ، وكأنهم آباء يحكي كل منهم عن ابنه أو يصنع حياته بشكل طيب يجبر بخاطره في ظل ما تفرضه الحياة من قسوة.

والفيلم هو ليس فقط رحلة في قطار وإنما رحلة استكشاف للنفس البشرية من خلال أشكال مختلفة كالحب ، الأمنيات المستحيلة ، الماضي المؤلم ، العلاقات العائلية ، الصداقة ، والمصلحة الفردية ، وعشوائية الفرص وما تفرضه من خيارات.

في المقطع الأول من إخراج إرمانو أولمي، تظهر شخصية عالم الصيدلة العجوز الذي يضطر لأن يسافر بالقطار لاضطراب الاجراءات الأمنية ليلحق بعيد مولد حفيده ، تحجز له تذكرته تلك الموظفة اللطيفة التي تعمل بالشركة والتي لا تفارق خيال العجوز وهو عائد في رحلته بالقطار ، ومع انتقال ناعم بين ذكريات العجوز وحديثه عن ابنته وحفيده ، وبين تلك اللحظات العذبة التي يتبادل فيها العجوز والموظفة الأحاديث والنظرات الصامتة يخلق إرمانو أولميقصة حب بين شخصيات طيبة ، قصة قد تكون بعيدة المنال غير واضحة المعالم ، مع نغمات البيانو الدافئة المنبعثة من ماضي الرجل واضطرابه وتردده في الكتابة أو الحديث يستطيع أولميإخراج الروح الطفولية البريئة من شخصياته ، الروح التي لا تشوبها شائبة ، كبياض الحليب ، الذي انسكب في المشهد ، وكالذي اشتراه الرجل ليعوض به الحليب المسكوب ، فأولمي لا يقطع الأمل عن شخصياته أبداً.

هناك ملحوظة لا أستطيع تجاهلها في مقطع أولميوهي طريقة إظهاره للجيوش والعساكر ، كيف أظهرهم يتسمون بالصلف ، يتدخلون في حياة البشر ، يفرّقونهم ، ويفرضون قوانينهم عليهم.

في المقطع الثاني من إخراج عباس كيارستاميقد لا تجد شاعرية كيارستاميإيرانولكنك ستشاهد واقعيته في رصد ردود أفعال البشر تجاه ما يواجهونه ، بحثه عن ماضيهم ، دوافعهم ، ضعفهم ، من خلال أرملة الجنرال العجوز والشاب الذي يقضي خدمته المجتمعية من خلال مرافقتها وخدمتها ، اختيار كيارستاميلشخصيتين متفردتين هكذا ليجعلهما رفقة في سفر صعب طويل ومزعج كان عبقرياً ، فبين امراة عجوز تتحسر على ماضيها من شباب وجمال ونفوذ ترفض تخليها عنه ، تظهر نفسها قوية رغم أنف ما يحدث ، وشاب يتكشف لنا ماضيه وكيف ضيع حياته السابقة ليجعل من ضعف كل منهما مصدر قوة تصاعد الأحداث بينهما ، مصدر اختلافهما وتنافرهما ، وأنا اشاهد كنت أفكر كيف أن كياروستاميذو روح سينمائية شابة متحددة لا تشيخ ، قادر على التجريب والتجديد بشكل ذكي مبدع في كل فيلم يقدمه مهما اختلفت الظروف او الأماكن وإطار الفيلم الذي يقدمه من خلاله.

في المقطع الثالث من إخراج كين لوتشنشاهد ثلاثة شباب اسكتلنديين يسافرون لتشجيع فريقهم ، ومن حيث لا يتوقعون يفقدون تذكرة سفر أحدهم ، ويبدؤون في الشك في سرقة التذكرة من قبل تلك الأسرة المهاجرة الفقيرة التي تسافر معهم على القطار ، وبين اموالهم الناقصة التي لن يستطيعوا بها دفع غرامة السفر بدون تذكرة وبين حال الأسرة المثير للشفقة يضع كين لوتشوكاتب المقطع بول لافرتيموقف الشباب الثلاثة على المحك ، أجمل ما في الأمر ان كين لوتشيظهر الحياة كما هي ، فالنهاية قد لا تكون مرتبطة بالأحداث المؤدية لها ، فالمشاعر والحظ والذكاء وسخرية الأقدار أو رحمتها تتظافر جميعاً لتخلق نهاية وفرص و حياة جديدة.

في المجمل ، اختيار القطار كمكان لعرض كل تلك الأحداث والأبعاد في شخصيات من يعيشونها وبين الانتقال بين المحطات المختلفة ، وشغل الآخرين لوقتك ولمساحاتك الخاصة ، كله كان تعبيرا مُجمِلا ورمزيا ومكثفاً عن الحياة بشكل عام ، ومع الأسماء التي قامت بإخراج العمل جعلت منه فيلماً على مستوى فني وإنساني عالٍ يندر تكراره.

The Wind Rises

$
0
0
كتب :مصطفى فلاح

التقييم :4/5

بأصوات :هايدياكي آنو ، ميوري تايكموتو
إخراج :هاياو ميازاكي (2013)

في أحلامه كان دائماً يطير , و لكنه غالباً ما يسقط ، قصر النظر رُبما أبعد (جيرو) عن حلمه الأثير في الطيران , لكن السماء لم تكن يوماً ملكاً لأحد ! ، في أحلامه الطائرات من خشب , من ورق , لا تحمل غير أحلام الأطفال في السباحة بين الطيور , عندما قيل له "هل يكفي وزن الطائرة لحمل البنادق و الصواريخ؟" , جاء رد مُصمم الطائرات الذي عاصّر الحربين "تكفي لحمل رايات السلام !"، بعد الموقعة , هو الآن يخاف ركوب القطار , رُبما , و لكنه لم يخش أبداً الوقوف على جناح طائرة ! .

الفانتازيا التي يخلقها (ميازاكي) هذه المرة هي فقط في أحلام بطله , يتخلى عن الإثارة التي أعتدناها منه , يزرع البهجة بدلاً من الخوف , و هو يروي ملحمة (حب و حرب) بكثير من الحميمية ، و كثير من التفاؤل!  ، نعم , منذ الوهلة الأولى نشاهد اليابانخضراء رغم الحرب , الريح فيها ما زالت تعصف طيباً , تجمع حبيبين و تؤسس لصدفة اللقاء ؛ (ميازاكي) يختار أكثر فترات اليابانانعداماً و فوضوية , ليروي قصة عن الإستقرار , عن صفاء النفس , عن مؤازرة الأحلام حتى عندما تغدو في مهب الريح , و أن هناك فضاءً شاسعاً ، لليراعات أن تُحلق (مأثرة غيبليالأشهر) ! .

قصة الحُب التي جمعت (كونان) بـ (رانا) (عدنان و لينافي النسخة العربية) بلحظاتها البسيطة التي ما تزال عالقة بذاكرتي بعد أكثر من ربع القرن , يُعيدها الماستر السينمائي و هو يختتم سنين سينماه بنفس الرفعة التي أبتدأ بها ، بكرتنّة الواقع كالخيال!  ، كالعادة , الحس التشكيلي و الإحساس بالإيقاع السينمائي يحتفي بالصورة و يجعل الدراما تتفجّر من خلال مكوناتها , فهي تُجبرك أن تتأملها , ترنو إليها , تتعاطف معها , تشفق عليها ؛ وفي مرحلة ما , تفك قيود أحلامها ، بعد أن كبّلتها الحرب ! .

حقيقة أن هذا العمل لم يكن أكثر أعمال ميازاكيخصوبة في السرد الدرامي , رغم أستناده على شخصية واقعية فعالة , لا تُلغ تأثره الواضح بجميع تحفه السابقة , الموسيقى التي زادتها جمالاً , و الثيم البصري ، الذي أسقاها أكسير الخلود! .


Oslo, August 31st

$
0
0
كتب :محمد السجيني

التقييم : 5/5

بطولة :آندرش دانييلسن لاي ، هانز أولاف برينر
إخراج :يواكيم تريه (2012)

في كُل عام ابحث عن عمل يُقدّم الثيمة التي احبّها ، (هؤلاء الذين ارادوا ان يكونوا شيئاً) ، او حتي ما اقترب منها ، واكون مُدركاً تماماً انها لو قُدّمت بشكل جيد سيُصبح الفيلم مُفضّلاً ، وخلال اربعة سنوات كاملة - بالتحديد منذ ظهور مُصارع ارنوفيسكي - لم اشاهد عملاً قدّمها كما اتمنّي ، وخرجت بقناعة انه من الصعب مُشاهدة عمل كهذا مُجدداً ، لكن فيلم يواكيم ترييهالاخير هدم قناعتي تماماً .

الفيلم الثاني للمُخرج يواكيم ترييههو فيلم عظيم ، يفتتحه الرجُل بمشهد مُهم يحاول فيه اندرشالانتحار ، يبين فيه يواكيمللمُشاهد اي شخصيّة هو مُقدم علي مُشاهدة رحلتها ، تبدأ الرحلة من المركز الي اوسلو ليقوم بلقاء عمل ، كفرصة لمُحاولة اصلاح الامور ، لكنها تتحوّل الي (كارثة) ، اندرشينفجر عند سؤاله عن فراغ سيرته الذاتيّة ، فيرحل ويلقي بسيرته في سلّة المُهملات،وتمتد الأمور الي رفض اخته ان تقابله ، وتجاهل حبيبته السابقة له ، امور تجعله يشعر بفجوة زمنيّة تركها خلفه ، وتجعله يشعر ان المدينة تلفظه ، وتأمره بالعودة من حيث جاء،في المساء يعود اندرشللحفلات والشُرب كمحاولة للعودة الي الحيَاة ، لكن الامر يبدو مُستحيلاً ، اندرشيخبر الفتاة التي اعجب بها ان ما دار بينهما سيُنسَي!! فقط هكذا سيُنسي ، مشهد عبقري عن هذا الثُقل الذي يحمله في نفسه والجراح التي تأبي مُبارحته،يعود الي منزله ، ويتناول حُقنة مُخدّرة ، ويرقد علي سريره في سلام،

يواكيم ترييهفي عمله هذا يُثبت انّه مُخرج قدير ، الرجُل يجعلنا "نشعر"بما يواجهه اندرشلا "يُخبرنا"شيئاً ابداً ، فقط يلعب علي جُزئيّة احساس شخصيته الرئيسيّة والاهم ان العمل يتجاوز ذلك و"يلمس"فينا هذه الجُزئيّة ، عندما تبدُو الامور مُنتهية لأي سبب ، ليس بالضرورة ان تكون الادمَان فحسب ، يلمس فينا ذلك الشعُور الصعب بأن الحياة غدت بلا معني او طائل ، يجعلنا "نعيش"مع اندرشوهو يفقد تدريجيّاً جدوي وجوده علي قيد الحياة ، "نُجرّب"شعوره بالغُربَة وهروبه من الناس كم المشاهد الاختزاليّة في هذا الفيلم يستحق التقدير ويدعو للتأمُّل فعلاً ، يُخبرنا في البداية بمشهد اختزالي عظيم اثناء جلوسه مع صديقه عن مآساة اندرشورغبته في الانتحار ، ثُم يلقينا بعد ذلك نحن وبطله في مدينته اوسلو، يُصعّب الامر اكثر في مشهد لقاء العمل حين ينفجر اندرش ويترك كُل شيء ويرحل،والمشهد الايقوني حين يستند علي ريبيكاوهي تقود الدرّاجة في واحد من أفضل مشاهد الرغبة في الانعتاق التي شاهدتها في حياتي ، الانعتاق الذي يرفضه اندرشحين يكون في صورة الأمل ، لأنه مُرهَق ، ويرغب في الراحة الابديّة،

وعلي صعيد الآداءات ، اندرش دانييلسن لاييُقدّم اداءاً جباراً ، يُشبع شخصيته بالعُمق ويبدو حقيقياً للغاية ، تعبيرات وجه الرجُل الذي يحاول ان يبدأ من جديد ، وتطارده ذكريات أليمَة ومُستقبل مُبهَم ، هذا هو الاداء الرجالي المٌفضّل بالنسبة لي في 2012 فيلم اوسلو هو فيلم مُهم ، صادق وحقيقي الي اقصي درجَة ، عن الخواطر المكسورة،عن ذلك الماضي الذي يملأنا والمُستقبل الذي يُقلقنا ، عن تلك الجراح التي تأبي مُبارحة نفوسنا وتطاردنا ايّما ذهبنا ، وقبل كُل هذا هو عن ذات تاهَت ، وروح اُرهِقَت ولم يعد يعنيها شيء ، هذا هو فيلمي المٌفضل في 2012 .

Casino

$
0
0
كتب : عماد العذري

التقييم : 3.5/5

بطولة :روبرت دي نيرو , جو باشي , شارون ستون
إخراج :مارتن سكورسيزي (1995)

عن نص للكاتب نيكولاس بيليغييعيد مارتنسكورسيزياللقاء مع رفيق دربه روبرت دي نيروفي العمل السينمائي التاسع عشر في مسيرة المخرج الكبير , و في وجود جو باشيأيضاً يكتمل المربع الذي صنع سحر Goodfellasعام 1990 , لذلك لا مفر للمشاهد من مقارنة هذا العمل مع ذاك .

على مدار أكثر من ساعتين و نصف يراقب سكورسيزيشخصياته الثلاث : إيس روثيستينأسطورة المقامرة الذي يدير الآن واحداً من أشهر كازينوهات فيغاس , نيكي سانتوروصديقه القديم ذو السجل الإجرامي و العلاقات المشبوهة مع عصابات المافيا , و جينجر ماكيناالمومس التي تصبح لاحقاً الزوجة البائسة لروثيستينبسبب علاقتها مع قوادها السابق و إدمانها على المخدرات .

يستعرض سكورسيزيمن خلال النصف الأول لعمله الفرق الأهم بين روثيستينو سانتورو : الأول يحاول أن يسلك الطريق القويم في إدارة مستعمرته الصغيرة , يحاول أن يحدد بوضوح قوانينها , و يتابع بحماس و جدية الإلتزام بهذه القوانين , روثيستينصارم في تعامله مع كل من يجرؤ على هز النظام في مملكته , يضرب بقسوة على المقامرين الذين يمارسون الغش , و يرفض كل أنواع الواسطات لتوظيف من ليس مؤهلاً ليرتقي بمستوى العمل في الكازينو , على خلافه يكون سانتورو , مجرم من العيار الثقيل ذو علاقات وثيقة بعصابات المافيا في بلدته و كذلك في فيغاس , يحاول أن يمارس أعماله الإجرامية في إطار الكازينو مستغلاً إيعازاً من مالكي الكازينو لحماية مديره الجديد روثيستين , سكورسيزييبدأ الفيلم بصداقة قوية تجمع الرجلين الذين نشأ كلاهما في المدينة ذاتها و تشاركا في الكثير من الأمور , ثم يقودهما تدريجياً نحو الإختلاف و تقاطع الأفكار و تناقض المصالح , و عندما يخون نيكي روثيستينمع زوجته , يفقد زعماء الكازينو ثقتهم بأفعال نيكي خصوصاً مع تضييق رجال الإف بي آي الخناق في مراقبتهم لأعمال الكازينو و المحيطين به , لكن بالمقابل فإن الشيء الأهم الذي يوحد شخصيتي روثيستينو سانتوروهي الإخلاص تجاه ما يفعلانه , ولاءهما لقناعاتهما و عمل المستحيل من أجل عدم التخلي عنها , وهذا ربما ما يمنح الفيلم تماسكه رغم ثغراته , هذه الجزئية تبقي المشاهد مهتماً بما يحدث و هو يتأمل الإنقسام الذي بدأ يكبر بين شرعية إيس و طرق نيكي الملتوية .

في النصف الأول من العمل يستخدم سكورسيزيبكثافة المفاتيح ذاتها التي إستخدمها في رفقته الطيبين , مركزاً على أسلوب الراوي و اللقطات الطويلة ضمن الكازينو و منح الصورة نوعاً من المذاق التوثيقي , وهو أمر بالتالي يدفع المشاهد لا إرادياً في منحىً آخر , حيث تُرسَم لدى المشاهد صورة مبكرة جداً عن إجرامية شخصية روثيستينمع أن النص في الواقع لا يقدمها كذلك , و المشكلة تتفاقم عندما لا يستطيع المشاهد أن يرفض هذه الفكرة من مخيلته طوال هذا الجزء , ثم يبدأ وضوح الصورة لدى المشاهد مع تكرار المشادات التي تحدث بين روثيستينو جنجر , هذه الصورة الهلامية تتكرر مع جنجرذاتها , الكثير من مفاصل السيناريو تحاول ترسيخ وجودها كضحية لما يحدث , رغم أن كل ما نشاهده يبدو معاكساً لهذه الصورة , فالمرأة تبدأ أخطاءها منذ ليلة زفافها عندما تجري مكالمة هاتفية مع قوادها , ثم يتكرر ذلك مع إدمانها على المخدرات و إهمالها لإبنتها ثم لجوءها لنيكي , لكن المشكلة لا تكمن فقط في هلامية التقديم بل تتعداها إلى محاولةٍ غير مجديةٍ تماماً لإبقاء جنجركأحد محاور الفيلم , شخصية جنجرتفقد أهميتها في منتصف هذه الصراعات , و تعاني في كثير من تطوراتها من إفتعالية واضحة خصوصاً في إنقلابها على زوجها , و إستمرار علاقتها بروثيستينبعد طلاقها منه , ثم العلاقة غير المطهية بشكل جيدٍ بين جنجرو سانتورو , هذا الضياع حاول أداء شارون ستونالصلب تعويضه و ملء الفراغ الحادث , لكن هذه الشخصية كانت تحتاج لأكثر من مجرد أداءٍ ممتاز لتكون مؤثرة .

و بالتأكيد يواصل سكورسيزيسبره لمشروعه الأمريكي , يبدو و كأنما يلقي نظرةً وداعيةً على العلاقات المشبوهة و الأعمال الإجرامية التي رافقت تأسيس فيغاس , قبل أن يأتي الطوفان الذي يجتاح الجميع , ليبدأ حقبة جديدةً أثمرت ظهور فيغاس الحديثة بقوانينها و مشاريعها التي جعلتها أرض الأحلام في أمريكا المعاصرة .

مقارنة هذا العمل بـ Goodfellasلامفر منها , و لا تنتهي لصالحه بأي حال من الأحوال , و في الوقت الذي يكرر جو باشيالشخصية التي صنعها هناك و منحته جائزة أوسكار , فإن روبرت دي نيرويتفوق على أي مقارنة و يقدم أفضل أداءات الفيلم , دي نيرويستغل حضوره و شخصيته ليقدم إيس روثيستينكما يجب فعلاً أن يكونه , ولعه بجينجر , صداقتهُ المتحفَّظ على تفاصيلها مع نيكي , حبه لإبنته , إخلاصه لعمله , وقسوته و صرامته تجاه كل من يحاول العبث بالكازينو دون إنفعالاتٍ فائضة قد تبدو ظاهرياً ملائمةً لشخصيةٍ كهذه , أداء دينيرومدروس بعناية , قد يكون آخر الأداءات العظيمة بحق في مسيرة هذا الممثل الأسطورة .

بالمجمل هو فيلم جيد إلى حد بعيد , مدته الطويلة لم تضف إليه شيئاً خصوصاً مع الطريقة التي ينهجها السيناريو و اللغة السينمائية التي يتبعها مارتن سكورسيزيفيه , قد يكون أكثر أفلام سكورسيزيدمويةً , لكنه بالتأكيد ليس واحداً من أفضلها , هو بالمقابل ليس إستغلالاً رديئاً لنجاح سابق للرجل , تكفيه أحداثه المتشابكة المخدومة بإمتياز بمونتاج ثيلما سكونماكر, و أداءاته الصلبة التي يقدمها أبطاله الثلاثة لتجعله فيلماً يستحق المشاهدة .

Written on the Wind

$
0
0
كتب :فراس محمد

التقييم :4/5

بطولة :روك هدسن ، لورين باكال ، روبرت ستاك
إخراج :دوغلاس سيرك (1956)

لجوء سيركفي افتتاحيته لأن يضع علامة استفهام كبيرة ، جعل أفضل ما في الفلم اسلوبه في الاجابة عنها ، واسلوبه في تقديم شخصياته واحدة تلو الاخرى ريثما ينسج شبكة العلاقات التي ربطتهم ، ومن ثم يصل البداية بالنهاية ليقدم هذه الحبكة وبهذه الطريقة المقنعة والمشبعة ، كل الدلالات التي وفرها كانت تودي لهدف منع المُشاهد من التوقف للتفكير في منطقية ما يجري بل تجاوز هذا الامر نحو تفهم واستيعاب ما يجري ومعايشة أوجه التناقض والاختلاف والتشابه بين اربعة شخصيات تتقاسم المحور الاساسي الذي يظهر في أغلب خلفيات الفلم على شكل حقول نفط ومضخات نفط واراضي صحراوية تحوي تحتها اطنان من ذات الكنز الاسود الذي ترك تأثيراته على شخصية جيمس دينفي تحفة جورج ستيفنزGiant،والتي انتهى بها الفلم بمشهد معبر جدا عن ما ستورثه هذه الثروة الطارئة في حياة العائلة التي خضعت لكاميرا سيرك، وأنه حينما تمتلئ بعض الفراغات ستظهر بالمقابل فراغات آخرى بديلة ، الجانب المادي والجانب الانساني معادلة رياضية , ما ينقص في احدهما يزداد في الآخر.

كايلوميتش، صراع انساني ووجودي بين شخصيتين على النقيض ، سيركلم يقدمهما فقط بهذا الشكل , كوجهين للتغييرات التي آلت إليها فترة استثمار النفط في الصحاري الاميركية بل أن لدى أحدهما ما يفتقده الآخر ، هما معنيين مختلفيين لفكرة ان يكمل أحدهما الآخر ، أو ، أن يتنافر ، كايلشخصية متسرعة ، وما تملكه سمح لها بأن تنفذ كل شيء بالسرعة التي ترغبها ، كما اخته من ذات العائلة الثرية ، كلاهما يعوض عما ينقصه وعما يتصف به ميتش (روك هادسون) بتصرفات قد تبدو للوهلة الأولى غريبة , ولكنها مع تصاعد وتيرة احداث الفلم واكتشاف هاتين الشخصيتين تبدو منطقية ، جنون ميريلي (اخت كايل)،كأدمان كايلعلى الكحول ، الطريقة الهيستيرية التي ترقص بها ميريليتشبه تسرع كايل باتخاذ قرار السفر لأبعد مكان في اميريكا لشراء وجبة من الطعام او زواجه من أول فتاة مختلفة عن الاخريات، وهكذا بالاصل مهد سيركلشخصية كايل، وكلاهما (الاخ والاخت) متشابهان في الشعور بعقدة النقص التي لم تستطع كل مضخات النفط التي امتلأ بها الفلم أن تمنحهمها اياها ، ميريليلن تستطع الزواج من الشخص الوحيد الذي تريد الزواج به , وكايللم يستطع انجاب الطفل الذي اراده ، وهذا ما جعل شخصية ميتشفي الفلم الشخصية المركزية التي يجري التنافس حولها ، وعبرها اعطى الفلم ابعاده لفكرة (المال قد لا يجلب السعادة) ، وخصوصا إن كانت ثروة طارئة خلقت هذا الفارق الطبقي في قرية صغيرة.

دوغلاس سيركو بأسلوبه البصري والتشكيلي المتميز والمتحكم بأدنى تفصيل ضوئي او لوني في كوادره الغنية بهذه التفاصيل كان كالعادة يلمح دون ان يشرح ، يملي على المُشاهد كيفية تعاطيه مع شخصياته المتناقضة دون ان يفعل ذلك بحدة ، يترك لمناخ المشهد وطبيعته اللونية ان تبوح بمكوناته الدرامية وافكاره ، واستطاع ان يزيد درجة السخونة لأقصى دراجاتها بامتناعه برايي عن تقديم مشهد البداية وكأنه مشهد لجريمة يجب ان تُحل ، ولم يعالج هذه الافتتاحية وكأن فلمه يحاول كشف السر الذي بدأ فيه ، بل بذكاء ورغبة بعدم تحويل فلمه لما لا يجب ان يكون عليه ،اعطى انطباع بأن ما نشاهده عملية انتحار ، ومن بعدها اعطى زمام المبادرة لشخصيته التي على النقيض (ميتش) لتشرح بنفسها طبيعة شخصية كايل،هذه الجزئية من الفلم جعلت (مطب) شخصية كايل، يتم تجاوزه بهدوء ، لأن تقديمها أتى من نقيضها ، فما نراه , هو ما يراه ميتش، الذي ملأ الفراغ الذي كان سبب التحولات السريعة في شخصية نقيضه ، الشخصية التي لم يؤثر بها النفط الاسود بعد ، الذي وصف في افتتاحية الفلم بالرجل الفقير.


Psycho

$
0
0
كتب :محمد المصري

التقييم :5/5

بطولة :أنتوني بيركنز ، جانيت لي
إخراج :ألفريد هيتشكوك (1960)

في الستين من عُمره ، كان هيتشكوكقد حقق عدداً من أكبر نجاحاته خلال الخمسينات ، صار واثقاً كفاية لأن يذهب في مغامرةٍ غير مُعتادة ، ويصنع فيلماً بـ800 ألف دولار فقط يكون هو – بصورةٍ أوضح وأظهر من أي مرة - بَطله الأول ، وربما الوحيد ، (قررت التجريب وصناعة فيلم ألاعب فيه الجمهور) ، و السيد كان في مزاجٍ مُناسبٍ للمُلاعبة ، ولم يَكن يدري أنه يَصنع للتوّ (أنجح) أفلامه على الإطلاق ، وما يعتبره الكثيرون أعظمها أيضاً.

(في هذا الفيلم الموضوع نفسه لا يهمني كثيراً ، ولا يهمني الممثلون أيضاً ، ما همّني هو تجميع أجزاء الفيلم ، والتصوير ، وشريط الصوت ، وكل ما هو تقني بحت بإمكانه أن يجعل الجمهور يُوَلْوِل ، وأعتقد أنه إرضاء كبير لنا أن استخدام فن السينما لخلق انفعال جماهيري ، وما هز الجمهور ليس القصة و لا الأداء ، ما هز المشاعر إنما كان الفيلم الصِرْف) ، و لمُلاعبةِ هيتشكوكأشكالٌ عديدة في هذا الفيلم ، وما من تفصيلةٍ تُرِكَت للظروف ، في كل لَقطة (كنت أضع الجمهور في ذهني ، أسير معه وأحاول أن أفهم كيف سيفكر ، كي أصنع شيئاً مُدهشاً).

يَبني هيتشالـ45 دقيقة الأولى مثلاً بشكلٍ عادي وإيقاعٍ مُتَمَهّل ، يحرك أذهان الناس عن أنه عملٌ عن السرقة ، يجعله يتعاطف مع الشخصية ، التي يختارها كنجمةٍ سينمائية على قدرٍ من الشهرة ، ويُمَحْور كل شيء حول المال والـ40 ألف دولار ، الحوار والمونتاج وزوايا التصوير ، ذلك كله كي يُحضَّر لقنبلته الخاصة ، الشيء الذي قَلَبَ موازين السينما ، حين رأى الناس نجمة تُقتل على الشاشة بأبشعِ صورة.

مشهد الحَمَّام، أعظم مَشهد في تاريخ هيتشكوكبالتأكيد ، استغرق تصويره 7 أيام في حين أنه لا يستمر على الشاشة أكثر من 50 ثانية ، ورغم أن السكين لا يُلامس جسد جانيت لي إلا أن الجمهور كان يَصرخ في عروضِ الفيلم ، هذا تحديداً بسبب (السينما) ، ألاعيب التصوير والمونتاج السريع وموسيقى بيرنارد هيرمان ، كل ما هو (سينمائي) قَحّ هو ما ترك هذا الأثر الذي لا يُنسى ، وهذا تحديداً ، وأكثر من أي شيء ، هو انتصار هيتشكوكالأكبر ، والأهمية الفائقة لفيلمه هذا.

لاحقاً ، لا يتوقف هيتشعن المُلاعبة ، ليس في سيناريو الفيلم ، العادي عند قراءته مَكتوباً ، ولكن في أدواته (السينمائية) التي كانت في قمتها ، مشهد مثل إنزال نورمانوالدته إلى القبو ، يصورة في لقطةٍ واحدة تدور فيها الكاميرا بشكل غريب كي تأخذ لقطة رأسية من خارج الغرفة ، لماذا يفعل ذلك ؟ ، كي لا يضطر للافتعالِ في عدم تصوير الأم إذا ما لجأ لتقطيعٍ عادي ، وكيف يصرف ذهن الجمهور عن (لفّة) الكاميرا الغريبة ؟ ، بالحوارِ الدائر بين نورمان وأمه وانشغال الجمهور بالصراعِ و (الخناقة) الصوتية ، وهكذا كان يستغل كل لقطة وكل مساحة على شريط الصوت ، لم يكن فيلماً بقدر ما هي مباراة شطرنج ، (وكنت أحاول أن أسبق تفكير الجمهور في كل خطوة).

حقَّق الفيلم حينها ما يزيد عن 45 مليون دولار ، أكثر من أي فيلم آخر لهيتشكوك، وسعادته به كانت لا تُوصف ، لأنه ، في وقتٍ لم يكن النقاد يعيروه انتباهاً ، ولم يكن الناس يأخذونه بجدية كافية ، جاء هذا الفيلم ، دون نجم شباك ، ومُقتبساً عن روايةٍ متوسطة القيمة ، ليصنع دوياً تاريخياً في السينما ، اعتماداً فقط على موهبة المُخرج ، ولعقودٍ بعدها ، صار نموذجاً للفنِ الصّرف ، الفن القّح ، ما يمكن أن تفعله الأفلام ، بالصوتِ والصورة ، ويعجز عنه أي وسيط آخر عرفه الناس ، كان Psychoهو عُصارة السينما وخُلاصة مَعرفة مُعلمها العظيم الذي لم يقدم أي فيلم خالِد آخر بعد ذلك ، كأنه أخرج هنا كل ما يعرفه ، واكتفى.
.
.

لثلاثةِ أشهر لم أفعل أي شيء أكثر من مُشاهدة أفلام هيتشكوك، قراءة حواره مع تروفو، والكتابة عنه ، كانت تجربة مُدهشة في المُجمل ، أتمنى أن يَفعلها الجَميع ، وعلى الأغلبِ تنتهي التجربة مع تلك السطور ، وأنا مُمتن جداً للسيد ألفريد على ما منحه للسينما خلال 5 عقود ، وما منحه لي طوال 3 أشهر.


Trouble in Paradise

$
0
0
كتب : خالد إبراهيم

التقييم : 4.5/5

بطولة : هربرت مارشال ، مريم هوبكينز
إخراج : إرنست لوبيتش (1932)

"كل فيلم جيد مليء بالأسرار ، لو لم يترك المخرج شيئاً لم يقله سيكون الفيلم سيء ، لو لم يقل الفيلم شيئاً سيكون الفيلم سيئاً كذلك ، الفيلم الجيد هو شيء غامض وبه أشياء لم تقل" - لوبيتش

أعتقد أن الشيء الأكثر صعوبة في الكوميديا هو عفويتها ، لوبيتشعلى ما يبدو لم يواجه أي صعوبة في هذا الشأن ، في فيلمه العظيم (مشكلة في الجنة) يلعب لوبيتشلعبته المفضلة وهي مثلث الحب ، حيث يقع جاستون– النصاب الأوروبي الشهير – في حب لي لي – النشالة المحترفة – بعدما اكتشفا أنهما سرقا بعضهما البعض.

يكون العاشقان فريقاً من النصابين ويذهبان إلى باريس، الهدف كان سرقة محتويات خزانة ماريت، وريثة غنية لشركة عطور شهيرة ، يصبح جاستونسكرتيرها الشخصي وبدلاً من أن يسرقها يقع في حبها وتقع في حبه ، لكنلي ليتعرف بأمرهما ، يستغل لوبيتشتلك العلاقة الثلاثية في عدة مشاهد ممتعة مازجاً الرغبة بالرومانسية بالكوميديا .

لوبيتشلم ينس كذلك العصر الذي يحيا به ، فالفيلم تم إنتاجه أثناء كساد الأقتصاد الكبير والذي يلقي بظله على سخرية لوبيتشورفاقه الكتاب من سطحية الطبقة الغنية وقتها ، فسخر لوبيتشمن الأوضاع الإجتماعية واللصوص الكبار أصحاب الهيبة الزائفة الذين يجيدون التعامل مع القانون ويحتمون به ، وإن كانت الشخصية الغنية الرئيسة – ماريت– لم يقلل لوبيتشمن شأنها ، بل جعلها جديرة بتعاطف المشاهد .

كذلك سخر لوبيتشمن السياسات الدولية ، والقلق من إندلاع الحرب في أوروبا ، حيث يسرق جاستونمؤتمراً للسلام في جنيف، ثم يأتي إعلان متحدث الراديو بأن النصاب الدولي قد سرق مؤتمر السلام ، وقد سرق كل شيء تقريباً إلا السلام !

الفيلم أُعتبر من قبل النقاد بداية ظهور ما عُرف بـ (لمسة لوبيتش) والتي لم يستطع أحد تفسيرها بدقة وإن أحسوا بوجودها ، بيلي وايلدرعمل مع لوبيتشوتأثر به للحد الذي جعله يضع في مكتبه لافتة تقول "كيف كان سيفعلها لوبيتش؟"، وايلدر حاول تفسير لمسة لوبيتشبأنها الطريقة الأنيقة في استخدام المزحة العظيمة ، حيث يستخدم مزحة جيدة ويجعلك راض عنها ثم يضع فوقها مزحة أكبر لم تكن تتوقعها .

الفيلم تم إنتاجه قبل قانون (هايز) الذي حظر التلميحات الجنسية والذي تسبب في إختفاء الفيلم من دور العرض لمدة تقارب الخمس وثلاثين عاماً ، يمكننا أن نتخيل الكوميديا العظيمة التي تم حرمان العالم منها عندما لم يمنح مخرج مثل لوبيتشحريته الكاملة ، بالطبع إنتاج الرجل خلال الفترة عظيم كذلك لكن كان يمكن أن يكون هناك المزيد ، (مشكلة في الجنة) هو فيلم لوبيتشالمفضل له وفيلمي المفضل له كذلك .

"لا أنصح أحداً بلعب الكوميديا ما لم يكن هناك سيركٌ داخله" - لوبيتش

The Double

$
0
0
كتب :مصطفى فلاح

التقييم : 4/5

بطولة :جيسي إيزنبيرغ ، ميا فاشيكوفسكا
إخراج :ريتشارد آيوادي (2014)

فلم المُخرج أواديالثاني , بعدSubmarineالذي تنبأ له بالنجاح , هو أشبه بسماع نكتة قديمة بأسلوب جديد يوحي و كأنك تسمعها لأول مرة ! ، هذا الفلم يُعيد الإنتماء الى سينما التفاصيل الصغيرة , تلك التي تكتفي بمُفردات الصورة في التعبير عن حال شخوصها , الكاميرا فيها تُحدق في الشخصيات (كلوز آب) , نادراً ما تتحرك على راحتها في المُحيط , تبدو مُختنقة في الفضاء المحدود جداً للغرفة , تستغل المكونات العادية أو الأقل من العادية فيها : حوض , مرحاض عتيق , أريكة مُتهالكة , جهاز إستنساخ بدائي عملاق ، لتصنع منها كوميديا خبيثة تجعلك تسخر مثلاً من شاب يائس , رجل قرر الإنتحار , و إمرأة على شفير هذا الفعل !

المُخرج يصنع بيئة داعمة لعمله الغرائبي هذا , يُعطي دور البطولة لكل شيء مضاد : الظل أكثر من الضوء , الإستخدام اللامتراكز للموسيقى , العلاقة المُتناقضة بين اللقطات فالأساس هنا أن نرى الإنسان , كيف يعاني من الرتابة و يتألم من تكرارها , كيف يهمس لذاته بدلاً من أن يتكلم , يرقد قليلاً ثم يستيقظ لكي ينغمس في مُلاحقة الفتاة من منظاره الكبير بدلاً من أن يلقي عليها التحية , يشكو حاله و يرثوها من الإستهتار الذي يصل به إلى مرحلة سريالية تماماً غير أنه لا يحيد قيد أنملة عن الواقع ! ، هذا الأساس كاف جداً في جعل المُشاهد الكائن الوحيد المُستغرب من تواجد توأمين على شاكلة بعض ، على سبيل المثال!

الإقتباس الديستوفسكيلا يُلغي تأثر المُخرج بخلط الأساليب السينمائية كالكوميديا , الدراما النفسية , الفلم الرومانسي , و سواها بل يحفزه على الإنتقال الحُر بينها و يجرده من قيود الخضوع للشكل الأوحد للصنف ، و هو بهذا المعنى يُعد أيضاً عملاً (تجريبياً) على نحو ما , يصور دراما تدور في محيط محدد و من خلال شخصيات محددة , لكنه يعتمد نوارية متعددة الرؤوس لها جمالياتها وإيقاعها الخاص!

أوجه الشبه بين إخراج هذا السينمائي الإنكليزي و بين (كروننبيرجأو لينش) مثلاً , لا يكمن في أن ما يعرضه حقيقي , بل كونه يعرف كيف يجعل المشاهد يعايشه على نحو حقيقي , و هذا فارق كبير للغاية و كفيل بالقضاء على الإفتعال في المواقف من دون التخلّـي عن المشاعر و تصوير ما تمر به الشخصيات من مواقف دقيقة ، و هنا الشبه كبير جداً !

Detachment

$
0
0
كتبت : فاطمة توفيق

التقييم : 3/5

بطولة :أدريان برودي ، كريستينا هيندريكس ، مارشا غاي هاردن
إخراج :توني كايي (2011)

الفيلم القصير النَفَس ، هكذا شعرت بعد مضيّ نصف مدة الفيلم ، أعتقد أنه من أكثر الأشياء المخيبة للآمال حينما تشاهد فيلماً يطرح فكرة جيدة ، غير مستغلة ولم تقدم من قبل ، بل أظهر مخرج الفيلم قدرة على إظهار هذه الفكرة وطرحها بشكل جيد ولكن لم يستطع تقديم ذلك ودعمه حتى النهاية ، وفي هذا الفيلم اجتمعت كل هذه العناصر المخيبة للآمال .

فالفيلم فكرته جيدة جداً ، ما بين المدرس ذو الماضي المتعب والحياة الشخصية المنهكة ، والتلاميذ الذين يواجهون ضغوطاً هم أصغر منها ، والمدرّسة المهددة بالكثير من المشاكل ، بالإضافة إلى فتاة الليل التي تجد من المدرس ملاذا لها ، كل تلك الأفكار بالإضافة إلى أن الفيلم يعد بالكثير في بدايته ، من التقرير شبه الوثائقي للمدرسين ، ومشاهد آدريان بروديالهائم في الشوارع ليلاً ، من الرسومات التي تظهر بين المشاهد بالطبشور ، وتصوير الفيلم الجميل وكلمات آلبرت كامو، وتعقد الأمور بين شخصية هنريوإيريكا، إلا أن الأمور لا تلبث إلا أن تنتهي بطريقة سريعة تقليدية ، شعرت بأنها مقصوفة ، لا تمتد أو تتعمق بشكل كافٍ كما تظهر أو تشي في بدايتها ، كما أن ظهور بعض الشخصيات التي كانت بشكل سريع سطحي كباقي المدرسين وبعض الطلبة كان مخيباً للآمال جداً ، والآداء السيء من كريستينا هيندريكولوسي لو والممثلة الشابة التي أدت شخصية ميريدثأضاعت الكثير وزادت الأمور سوءاً ، تمثيل آدريان بروديكان متذبذباً على مدار الفيلم ، أغلب الوقت كنت أصدقه تماماً وفي بعض الأحيان كنت أمَلّ نظرته الحزينة بشكل مستمر مع إعادة الذكريات نفسها التي كان يتذكرها كل مرة بدون انتقال لأي من باقي مراحل حياته .

 بعد انتهاء الفيلم كنت حزينة لأنه لم يكن كما يجب أو كما يستحق حيث لم تستغل فكرته بشكل جميل ولا أداء بعض ممثليه الجيد أو القدرة على إظهار صورة جميلة كما شاهدنا في الفلاش باك أو الصور الفوتوغرافية التي كانت تصورها ميريدثأو الفواصل التي تم رسمها بالطبشور والموسيقى الجميلة ، لم يتم استغلال كل ذلك ليظهر الفيلم متذبذباً ضعيفاً بما لا يليق بما وعد به.


Jaws

$
0
0
كتب :أحمد أبو السعود

التقييم : 5/5

بطولة :روي شايدر ، روبرت شو ، ريتشارد درايفس
إخراج :ستيفن سبيلبيرغ (1975)

فلنشكر السير ألفريد هيتشكوكأولاً و أخيراً قبل أي حديث عن الفيلم .

المتأمل في مسيرة المخرج الكبير ستيفن سبيلبيرجحتماً ستصيبه دهشة مفهوم أسبابها جيداً ، فما يقدمه الآن من أفلام لا يضاهي و لو بمقدار ضئيل الطموح العظيم الذى بدأ به مشواره ، لن أسترسل كثيراً فى الأسباب لكن سبيلبيرجيحقق هنا إنجازاً إخراجياً فريداً من نوعه و هو فقط فى الثامنة و العشرين من عمره ، إنجازاً استحق عن جدارة أن يوضع جنباُ إلى جنب مع الثورة التي أحدثها سكورسيزىفي Taxi Driverو كوبولافي TheGodfatherلتتشكل ملامح جيلٍ سينمائيٍ غيّر من خريطة السينما في العالم أجمع .

سبيلبيرجهنا هو بطل الفيلم الأول و الأخير ، يصنع إثارة من الطراز الرفيع ، يرسم منحنيات تلك الإثارة صعوداُ و هبوطاُ لخلق الجو الملائم لنزع التأثير الذي يريد من الجمهور ، هناك مائة طريقة لذلك لكن سبيلبيرجيختار الطريقة التي تجعل من ذلك التأثير دائم و غير قابل للخفوت ، يبدأ الفيلم بمشهد قصير من تحت الماء مصحوباُ بالتيمة الموسيقية العظيمة لجون ويليامز، يرسم أولاً و قبل أي شيء البيئة أو الوسيط الذى سينطلق منه و فيه كل الفزع و الرعب الذي سنعيشه على مدار ساعتين ، لدينا هنا قدرة رائعة على جعل الأحداث تتمحور بالكامل حول ذلك الوسيط للدرجة التي تجعل النصف الثاني من الفيلم بالكامل في وسط المحيط ، مع ثلاث شخصيات يشكل المحيط جزءً ما من تاريخهم و هو ارتباط له علاقة وثيقة بالخوف ، الفزع الذي يبثه سبيلبيرجعلى الشاشة ليس مقتصراً فقط على إحداث نوع ما من الخضة ، هو يواجه شخصياته أولاُ بكل ما يحملونه داخلهم من مخاوف و يواجهنا نحن كجمهور بما هو مفُزع فعلاً من مجرد التفكير في احتمالية حدوثه ، بعد مشهد الماء القصير يواجهنا سبيلبيرجمباشرة بالفكرة المفزعة ؛ مجموعة من المصيفين يواجهون خطراً قاتلاً لا يُفرّق بين شابة جميلة أو طفلٍ صغير .

تلك المواجهة المفزعة التي يقدمها سبيلبيرجهنا هي ما أكسبت هذا الفيلم ذلك التأثير العظيم الذى يُحدثه مع كل مشاهدة ، و الأهم أن سبيلبيرجيشحن كل أدواته لخلق الإيقاع المثالي لمثل تلك الحالة ، يجعل من القرش بطلاً أساسياً فى الأحداث ، يعطيه هالة مخيفة فعلاً من ترقب ظهوره و رؤيته على الشاشة على مدار ساعة كاملة لا نرى فيها إلا الرعب الذى يصاحب ظهوره وسط المصيفين ، في المشهد الذى يراقب فيه بروديالشاطىء منتظراً ظهور القرش ، يختار سبيلبيرجزوايا تصوير و حجم كادرات تعبر عن كم الرعب الذى يترقبه بردويو يخاف من احتمالية حدوثه ، إذن هذا هو الجزء الأول من الإثارة التي يصنعها سبيلبيرجثم يأتي الجزء الثانى الذى ينتظره عشاق تلك النوعية من الأفلام عندما يهاجم القرش فعلاً لكن من يختاره سبيلبيرجليكون ضحية القرش ؟ ، مجرد طفل صغير يصبغ دمه الماء باللون الأحمر المُفزع ، الإثارة فى الفيلم خطيرة و مفُزعة حقاً يرسم لها السيناريو شخصيات و بيئة تسمح للخطر أن يجوب فيها بكل ضراوة و يأتي سبيلبيرجبالمونتاج و التصوير و الموسيقى لينتزع من الجمهور الرعب و الفزع انتزاعاً كما فعل من قبل العملاق هيتشكوكفى مشهد الحمام الشهير فى فيلمه الأعظم Psycho .


Brief Encounter

$
0
0
كتب :محمد السجيني

التقييم : 5/5

بطولة :سيليا جونز ، تريفور هوارد
إخراج :ديفيد لين (1945)

مُجرّد نظرة بسيطَة علي مشوار رجُل مثل ديفيد لينيكفي تماماً ان تتيقن انّه واحد من أهم المُخرجين في تاريخ السينما ، وبالنسبة لي كانت تجربة غريبة ان اشاهد ملاحم ديفيد لينالعظيمَة مثل Lawrence of Arabiaو Doctor Zhivago، و أجزم انّي تعرّفت علي الرجُل تماماً ، ثم اتبعها بفيلم رومانسي بسيط مثلBriefEncounter .

في فيلمه الرابع يعرض الاسطورة ديفيد لين - مُقتبساً مسرحيّة لنويل كاوارد - قصّة امرأة تُدعي لورا جيسنتتعرّف علي طبيب يُدعي اليك هارفيفي محطّة القطار وتتطوّر الامور الي لقاءات اسبوعيّة ثم علاقة عاطفيّة استمرّت لحوالي شهرين ، على صعيد النص ، الحكاية هُنا علي لسان الزوجَة كراوي لأحداث الفيلم ، وكان هذا أمراً غير مُعتاد في زمانها ، والمُميّز ان دافع الزوجة هنا ليس الانتقام ولا التعَاسة ، لوراوصفت زوجها بأجمل الصفات ، وخافت علي شعوره ، واعترفت ان الرجُل لم يفعل شيئاً تسبب في تعاستها يومًا ما ، وهذا أمر مُهم علي صعيد تثبيت أساس بداية العلاقة ، تلك التي لم تحدث بإرادةٍ أي من الطرفين ، كلاهما وقع في الحُب بدون اختيار او حتّى مرحلة للتفكير ، والأهم ان العلاقة ابتعدت عن الشكل "الجسدي"او حتّي مُجرّد "الهروب من روتين الحياة اليومي وفراغها"، العلاقة تضرب في عُمق الرغبة في العودة الي الأشياء التي لم يفعلوها منذ زمن واشتاقوا اليها ، دخولهم السينما او نزهاتهم في قارب ، امور افتقدوها حتّي كادوا ينسونها .

هُناك صراع ما بين الحُب والواجب ، وبغض النظر عن انتصار الواجب في النهاية ، النص يُمهّد لذلك من البداية اصلاً ، يكفي ان تري ملامح الرُعب على لوراحين تعلم بإصابة ابنها لتعلم أي نهاية تتخذها العلاقة ، النص يتجاوز الأسباب والنتائج والظروف ، ويتوغّل في نفسيّة شخصيّاته ، تأثير اللقاءات عليهم ، وكذلك مشهد الودَاع الشهير ، ورغم كُل شيء يبقي الحُب موجوداً رغم الألم المتروك في كلا الشخصيتين .

علي صعيد الصورة ، هُناك قتامة واضحَة في العمل حين تبدُو العلاقة في مسار يهدم حياتهما الزوجيّة ، وفي اثناء نزهاتهما سويّاً تري الاماكن مُشرقة ، وهُناك مونتاج عظيم يستند اليه السرد في الفيلم بشكل أساسي عن طريق الفلاش باك - السابق عصره ايضاً .

علي صعيد الأداءات ، هُناك أداءات متوازنة من سيليا جونزو تريفور هوارد ، تخدم جداً عدم انزلاق النص في متاهات المُبالغات الغير مرغوب فيها هُنا .

فيلم ديفيد لينهذا هو فيلم عن هذا الاحساس الذي يتركه فينا العابرون ، عن "الحُب"بدون احداث هامّة ، دون خطب او جُمَل شكسبيريّة عتيقة .

Viewing all 508 articles
Browse latest View live


<script src="https://jsc.adskeeper.com/r/s/rssing.com.1596347.js" async> </script>